عدد الرسائل : 286 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 17/12/2007
موضوع: غياب السينما العربية فى مهرجان الجمعة ديسمبر 28, 2007 9:50 am
غياب السينما العربية فى مهرجان كوبنهاكن العالمى!
وسط استعدادات مرتبكة افتتحت العاصمه الدانماركية مهرجانها الأول للسينما يوم الثالث عشر من شهر آب/أغسطس الجارى ولمدة سبعة أيام. شارك فى المهرجان نحو خمسين دولة وعُرض فيه 146 فيلما شملت أجزاء واسعة من خارطة العالم باستثناء العالم العربى والهند. سيطرت السينما الأوربية والأسكندنافيه على ثيمة المهرجان ونرى ذلك واضحا فى الأفلام الأربعة عشر التى تم اختيارها للمشاركة فى المسابقة، منها ثلاثة أفلام دانماركية وفيلمان من النرويج، واثنان من فرنسا، وفيلم واحد مثل كلاً من إسبانيا، ايطاليا، هنكاريا، ألمانيا، آيرلنده، المملكة المتحدة، وهولندا.
كما شارك عدد كبير من الأفلام الجيدة والهامة خارج اطارالمنافسة اذكر منها فيلم "القائد" للمخرج الأميركى الكبير اوليفر ستون الحائز على اثنين من جوائز الأوسكار عن فيلمى "بلاتون" أو "الفصيلة"، و"ولد يوم الرابع من تموز". وفيلم "القائد" فيلم وثائقى عن حياة الزعيم الكوبى فيدل كاسترو الذى أثار نقاشا حادا داخل الولايات المتحدة أدى إلى منع عرضه هناك. وفيلم د"موع الشمس" للمخرج انطونيو فوكوا، وفيلم "مشفى المجانين" للمخرج الروسى أندريه كونجلوفسكي، والفيلم اليابانى "الأفق الكاذب للساموراي"، والأسبانى "جنود سالامينا" للمخرج دافيد تروبا الذى توقع له النقاد الفوز بالبجعة الذهبية كأفضل فيلم، وهو يروى حكاية معقدة عن صحفية فى إسبانيا المعاصرة تحاول البحث عن حدث مثير للجدل خلال الحرب الأهلية الأسبانية حول تمكن احد الكتاب المعادين للفاشية النجاة من مجزرة جماعية. فيلم يعبر برؤية متعددة المعانى وبأسلوب شيق يحبس الأنفاس، يغوص عميقا فى كينونة الحب وخضم العلاقات المتصارعة بين الحاضر والمستقبل وبين الزيف والحقيقة.
وعُرضت على هامش المهرجان أفلام من دول أميركا الجنوبية مثلت الأرجنتين واوروغواى والمكسيك، ومن آسيا شاركت الصين وكوريا الجنوبية وهونك كونك وطاجكستان وأفغانستان وإيران التى شاركت بفيلمين "باران" لمجيد مجيدى وفيلم "الساعة الخامسة مساءً" للمخرجة الشابة سميرة مخملباف الحاصله على جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان كان فى ربيع عام 2003. ومن الشرق الأوسط شاركت إسرائيل بفيلم "يوسى وجاكر" يحكى قصة حب بين اثنين من ضباط جيش الدفاع الإسرائيلى الشاذين جنسيا فى احد خطوط التماس بين إسرائيل وجنوب لبنان. ومن القارة الأفريقية شاركت كل من السنغال وبنين والغابون والكاميرون وبوركينا فاسو. ومشاركة متواضعة لدول لبلطيق وبعض الجمهوريات النى انسلخت من معسكر الاتحاد السوفيتى السابق وما تبقى من الاتحاد اليوغسلافي. وعن غياب الفيلم العربى قالت إحدى المسؤولات عن تنظيم المهرجان: لقد وجهنا الدعوة للجميع والقرار للجنة فرز الأفلام الصالحة فنيا فإما لم يصلنا شيء وإما أن تكون غير صالحة للمشاركة.
بعيدا عن كرنفالية كان واستعراض النجومية الهوليوودية
لم يتميز مهرجان كوبنهاكن بظهور كبار نجوم السينما العالمية بآخر صرخات الموضة والتقليعات الجديدة ولم يتنافس على البجعة الذهبية مخرجو أوربا الكبار مثل البريطانى مايك ليتش، والألمانى توم تيكوير، والفرنسى فرانسوا أوزون، والأسبانى بيدرو المودفار. المخرجون المشاركون يعتبرون من الصف الثانى وغالبيتهم أسماء نصف معروفة والبعض الآخر شارك بفيلمه الأول وهذا لم يكن عيبا أو هبوطا فى المستوى الفنى والبصرى والجمالي، بل كان إضافة نوعية حيث كشف المهرجان عن طاقات فنية شابة تتميز بقدرات خلاقة فى مجال الإبداع وسيكون لها شأنها وستلعب دورا هاما فى مستقبل السينما العالمية. اذكر هنا على سبيل المثال المخرج البريطانى جيرمى وودنك الذى خاض مغامرة الإخراج لأول مرة وشارك بفيلمه البكر "بوليوود كوين" والذى يعالج وبجرأة التنوع الإثنى فى المجتمعات الأوربية الجديدة من خلال ميلودراما رومانسية موسيقية برؤية يمتزج فيها أسلوب الفيلم الهندى التقليدى وحداثة التقنية والمعالجة الأوربية.
حيرة ثيو آنجيلوبولوس وانسحاب بيلا أوكست
ترأس لجنة التحكيم المخرج اليونانى العالمى ثيو أنجيلوبولوس الذى اشتهر فى السبعينات من القرن الماضى بعمله الملحمى ثلاثية "سفر المقامرين" الذى يروى فيه سفر المرحلة الصعبة من تاريخ اليونان الحديث فى الفترة الواقعة بين عامى 1930 -1970 وفيلمه المعرف "مربى النحًل" الذى قام ببطولته الممثل الإيطالى مارسيلو ماسترويانى عام 1986. وضمن هذا الخضم من التجاوزات التى تُرتكب باسم الحداثة فى الموضوعات والمعالجات الفنية والرؤى التى تستند إلى حركة الكاميرا والمونتاج الالكترونى واحياتا الحوار الفظ والطروحات السطحية، وهذا ما ظهر بوضوح فى عدد من الأفلام المشاركة فى المسابقة وخصوصا فى الفيلم الهنكارى "الجمال الهنكاري" للمخرج بيتر كوتر والفيلم الهولندى "زوس وزو" للمخرجة باولا فون ديرأويست، والفيلم الدنمركى "الخدش" من إخراج يسبر نيلسن. لا بد أن كل ذلك قد وضع المخرج الكلاسيكى الكبير ثيو انجيلوبولوس فى موقف صعب وحيره فى الاختيار لمنح البجعة الذهبية الموعودة لمستحقيها خصوصا بعد انسحاب المخرج الدنمركى العالمى بيلا أوكست الذى اخرج رائعة ايزابيل الليندى "بيت الأرواح" بحجة السفر إلى هوليوود للتعاقد مع ممثلين يشاركون فى فيلمه الجديد.
احتفالية البَجَع
أُضيئت الأنوار فى أمسية دافئة يوم الأربعاء المصادف يوم العشرين من شهر أغسطس الماضى فى سينما "امبريال" وكشفت عن بريق البجعات الذهبيات وهى تنتظر من يحتضنها. وكانت المفاجأة غير المتوقعة للنقاد الذين تابعوا المهرجان حيث حصل الفيلم الأيرلندى "أغنيه إلى الفتى المُرهَق؛ من إخراج ألسنغ وولش على البجعة الذهبية كاقضل فيلم. والمخرج النرويجى بنت هامر احتضن البجعه الذهبية كأفضل مخرج عن فيلمه "قصص المطبخ". والإسبانى دافيد تروباز عن أفضل سيناريو، والدنمركى هارالد بالكورد عن أفضل مصور. والممثلة الدانماركية الشابة ستيفانه ليون حصلت على البجعة الذهبية كأفضل ممثله عن دورها فى فيلم "الخدش"، والممثل النرويجى كريستوفر يونير كأفضل ممثل. وحصل الفيلم الوثائقى "الخمير الحمر.. ماكينة القتل" على جائزة لجنة التحكيم الخاصة كما حصل الفرنسى سلفيان كوميت عن فيلمه الساخر "ثلاثى بيلافيلا" والذى وصفه بعض النقاد أفضل الأفلام ألمشاركه فى المسابقة على جائزة لجنة التحكيم الثانية. وعلى الرغم من كل شيء فان مهرجان كوبنهاكن العالمى الأول للسينما يشكل بداية حقيقية تتميز بالبساطة والعفوية ومحاولة جدية للبحث عما يستجد من ابتكارات ومعالجات فى عالم السينما توفر متسعا للتأمل والتفكير، وسفر إبداعى لتذوق الجمال الفنى ومتعة بصرية ومغامرة عقلية، بعيدا عن ضجيج المهرجانات الأستعراضيه والسياحية.