تعريف الغش

وحول تعريف الغش التجاري، التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي قال الباحث: الغش: خدع الشاري بتبديل ماهية المشترى أو تبديل صفاته ويمكن في الزراعة غش البذور والأسمدة، وعلف الدواب وغيرها. والغش هو: تقديم الباطل في صورة الحق، وفي البيوع يعرف ببيع الغرر وهو: «كل بيع احتوى جهالة أو تضمن مخاطرة أو قماراً» وقد نهى عنه الشارع ومنع منه. قال النووي: (النهي عن بيع الغرر أصل من أصول الشرع يدخل تحته مسائل كثيرة جدا). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر) والغرر من غره أي خدعه وأطعمه بالباطل.
تاريخ وتطور الغش التجاري
وحول تاريخ وتطور الغش التجاري قال المستشار احمد حسن شوربجي في دراسته: من أوائل الغش التجاري كان في قوم شعيب.. كانوا يخدعون المشترين ويبخسون الناس أشياءهم وكانوا يطففون المكيال والميزان قال تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين} الأعراف: 85،.
ولكن كذبه قومه فأخذتهم الرجفة وهي عذاب من الله نزل بهم، وينزله الله تعالى على كل الغشاشين في كل زمان ومكان: {فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} العنكبوت: 37.
نور الإسلام
وجاء الإسلام بتعاليمه السمحة ووضع حداً للغش التجاري، في رواية لمسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يارسول الله. قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس! من غشنا فليس منا» وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تناجشوا» متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بايعت فقل لا خلابة» والخلابة هي الخديعة متفق عليه.
وقاية المجتمع المسلم من جريمة الغش التجاري
يقول المستشار حسن شوربجي في دراسته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أرسى قواعد العقيدة هاجر إلى المدينة المنورة ليبني دولة مثالية عظيمة يحتذى بها إلى يوم القيامة، فآيات الأحكام كلها نزلت في المدينة، والمجتمع المسلم كان مثالاً في التطبيق. قال أحد الأنصار: كنا أسوأ الناس كيلاً حتى إنه ليكون لأحدنا مكيالان يشتري بواحد ويبيع بالآخر، وما أن نزلت فينا ويل للمطففين حتى أصبحنا أحسن الناس كيلاً ووزناً. روى النسائي عن ابن عباس قال: «لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله تعالى: {ويل للمطففين} فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قال الفراء: فهم أوفى الناس كيلاً إلى يومهم هذا. أنزل الله تعالى سورة المطففين لوقاية المجتمع من هذه الجريمة البشعة وهذه الآيات تربية وإعداد لهذا المجتمع العظيم، وغرس للتقوى في قلوب المسلمين،فإذا ما التزم هذا المجتمع تقوى الله تبارك وتعالى في هذا الجانب من المعاملات وفي الجوانب الأخرى صارت بيئة المعاملات وغيرها نظيفة نزيهة طاهرة، كما نزهت وطهرت ونظفت قلوبهم.
ويضيف: إلى جانب مقاومة كتاب الله لجريمة الغش التجاري بالوسائل الوقائية فالسنة المطهرة تقوم بدورها في الصحة الوقائية للمجتمع المسلم من الأمراض التي تعتريه مثل مرض الغش التجاري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم عن أبي هريرة: «من حمل السلاح علينا فليس منا ومن غشنا فليس منا». وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله (نهى عن النجش) وروى مالك والبزاز عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس بخمس: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشى فيهم الفقر، وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون، وما طففوا الكيل والميزان إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم الله المطر» رواه مالك في الموطأ، والبزاز.